كان إبن النعمان رجلا عابدا زاهدا في الدنيا ولكنه كان فقيرا جدا , وذات يوم وصل به الجوع الى درجة لم يستطيع تحمله, ولم يجد في بيته ما يسد جوعه ورمقه , فخرج في البحث عن لقمة ياكلها , وهو يسير في الطريق انتهى به المطاف الى جنه خضراء مليئة باشجار التفاح المثمرة , فلم يتمالك نفسه من شدة الجوع ومد يده وقطف تفاحة والتهم نصفها , ولكنه تذكر ان التفاحه ليست له ولا يحق له اكلها دون ادن صاحب البستان .
وقال ويحك بابن النعمان كيف تاكل ما لا يحل لك, وندم ندما شديدا على فعلته, وبدا على الفور في البحث عن صاحب البستان , فسال فدلوه عن بيته, فقرع بن النعمان الباب فخرج له صاحبه وقال : ما خطبك يا بني, قال ابن النعمان لقد اشتد بي الجوع فخرجت من بيتي طالبا للقمة اسد بها جوعي فانتهى بي المسير إلى بستانك فقطفت تفاحه وبدات اكلها , ولكنني تذكرت انها ليست لي ولا يحق لى اكلها دون ادن صاحبها فجئت اطلب منك ان تسماحني عن ما بدر مني .
قال الرجل والله لن اسامحك وسأحاجك بها يوم القيامه , بكى إبن النعمان بكاءا شديدا وقال : انا مستعد للعمل عندك بدون اجر ما حييت بشرط ان تسامحني , ولكن صاحب البستان اعرض وعنه ودخل بيته , وعند صلاه العصر خرج صاحب البستان من بيته فوجد ابن النعمان ما زال واقفا امام البيت يبكي فقال له : ما بالك يا رجل ؟ , قال ابن النعمان ارجوك سامحني ارجوك , فقال له صاحب البستان انا مستعد أن اسامحك ولكن بشرط ان تتزوج ابنتي .
إندهش بن النعمان من هذا الشرط واجاب دون تفكير نعم ساتزوجها , قال صاحب البستان : على مهلك يا بني , إن ابنتي صماء وبكماء وعمياء ومقعدة إن قبلت الزواج بها سامحتك و إلا فلا, وقف بن النعمان في حيرة من امره , وبدءا يتخيل في نفسه , كيف اتزوج امراة بهذه الصفات ؟ وكيف ستقوم بأمور حياتي ؟ وكيف أكمل معها بقيه عمري ؟ ولكنه قال في نفسه بعد تفكير عميق إن لم أتزوجها لن يسامحني وسأكل من صديد انار ففكر قليلا و قال: أنا سأتزوجها على ما فيها من صفات واحتسب الاجر عند الله المهم أن تسامحني .
قال صاحب البستان إتفقنا , موعدك الخميس القادم لتدخل بإبنتي وانا سأتكفل لك بمهرها وبجميع لوازم العرس , جاء بن النعمان يوم الخميس مهموما كئيبا ليس كمثل العرسان يوم فرحهم , فهو يعلم انه سيتزوج إمراة بصفتها المذكوره سابقا , طرق الباب ففتح له ابوها وقال مرحبا بعريسنا أدخل فالبيت بيتك , فدخل و قال السلام عليكم وهو يعلم انها لا ترد لانها صماء وبكماء, ولكن الزوجه قالت وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته.
فانصرف الاب وتقدمت الزوجه من زوجها وصافحته وقبلت يده وجلست بجانبه وهو مذهول ومصدوم, فقالت له ما بالك ؟ مالي أراك مصدوما ؟ فقال لقد قال لي ابوك بأنكي صماء وبكماء وعمياء ومقعده, قالت لقد صدقك ابي ولم يكذبك فإنني صماء لانني لم اسمع في حياتي ما يغضب الله قط , وانني بكماء لانني لم اتكلم بما يغضب الله ابدا , وانني عمياء لانني لم ارى بعيني ما يغضب الله , وانني مقعده لانني لم امشي في حياتي في غير رضا الله .
ففرح الزوج فرحا كبيرا بزوجته وأوقفها بجانبه وصلى بها ركعتين ودخل بها على سنه الله ورسوله, وبعد سنه انجبت منه رجلا عظيما , أتدرون من هو ؟؟؟
انه الامام الاعظم ابو حنيفه النعمان, فيا لها من قصه ويا له من تقوى وورع لدى اسلافنا الذين مضو
فاللهم الحقنا بهم ونبينا ولاتحرمنا من لقائهم في جنتك جنه الخلد امين.
المصدر:
محاضرة للشيح كشك
تعليقات
إرسال تعليق