تتراجع المؤشـ.ـرات بشأن نية تركيا تنفيذ عمـ.ـلية عسـ.ـكرية واسعة النطاق لدفع “قـ.ـوات سورية الديمقراطية” (قسد) بعيداً عن الحـ.ـدود الجنوبية لتركيا. وكان الجـ.ـيش التركي وفصـ.ـائل سورية معـ.ـارضة حشـ.ـدوا أخـ.ـيراً على طول خطوط التماس مع “قسد”، في غرب الفرات وشـ.ـرقه، عقب حصول عمـ.ـليات عدة ضـ.ـد القـ.ـوات التركية في ريف حلب الشمالي، انطـ.ـلاقاً من مناطق واقـ.ـعة تحت سيطـ.ـرة “قسد”، أدت إلى مقـ.ـتل جنود أتراك.
وكانت المؤشرات تدل على أن عمـ.ـلية عسـ.ـكرية واسعة على وشك البدء، إما في منطقتي تل رفعت ومنبج في ريف حلب، غربي الفرات، أو باتجاه بلدتي عين عيسى وتل تمر، في شـ.ـرقه.
كما أظهرت معطيات ميدانية عدة، أن الجـ.ـيش التركي ربما يعبر الحدود باتجاه مدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي الشـ.ـرقي، ذات الغالبية الكردية من السكان. وفي الوقت نفسه كان من الواضح أن الجانب الروسي يرفض أي عمـ.ـلية عسـ.ـكرية تركية ضد قـ.ـوات “قسد”،
منـ.ـعاً لاتساع دائرة النفـ.ـوذ التركي في منطقة بالغة الأهمية اقتصادياً، يسعى الروس إلى ترسـ.ـيخ وجودهم فيها.
وتجلّى الرفض الروسي بالقيام بمناورات في ريف الحسكة الشمالي الغربي، شـ.ـرقي نهر الفرات مع قـ.ـوات النظام و”قسد”، كل على حدة.
وذهب الروس إلى حد إرسال طائرة “سوخوي” إلى مطار القامشلي في محافظة الحسكة، في أقصى الشمال الشـ.ـرقي من سورية، في موقع غير بعيد عن الحدود السورية التركية،
في إشارة واضحة إلى عدم رضى موسكو عن قيام أنقرة بأي عمـ.ـلية عسـ.ـكرية من دون موافقتها.
اقرأ ايضا : وفد أمريكي يزور سوريا وينقل بشارتين للشعب السوري من الرئيس بايدن
وتحدثت مصادر دبلوماسية تركية مطلعة لـ”العربي الجديد”، عن العملية العسكرية التركية المرتقبة في مناطق جديدة بسورية ومؤشراتها، قائلة إن “الضغط الإعلامي التركي لا يزال متواصلاً لتنفيذ العمل العسكري في المنطقة، وإن الجيش التركي مستعد لتنفيذ ووضع الخطط حيال أي عمل عسكري مستقبلاً حسب المتطلبات الميدانية. ولكن ليس هناك حالياً أي احتمال لعمل عسكري مباشر، وأنقرة جمّدت العمليات في الوقت الحالي”.
وعزت ذلك إلى استمرار الحوار التركي مع كل من روسيا والولايات المتحدة، ولم يتحقق حتى الآن أي توافق في هذا الإطار، في ظل عدم رغبة تركيا في تنفيذ أي عمل عسكري أحادي الجانب، بسبب تداعياته السلبية على علاقات أنقرة بواشنطن وموسكو وبالغرب”.
وكشفت المصادر أن “هناك مؤشرات لدى أنقرة بأن واشنطن تضغط على قسد من أجل طرد العناصر المرتبطة بحزب العمال الكردستاني من مناطقها بالشكل الذي تطالب به تركيا، تنفيذاً للاتفاقيات الثنائية، مع السماح لتركيا بتنفيذ عمليات الاستهداف بالطائرات المسيرة لعناصر قسد المرتبطين بالكردستاني”.
تستمرّ روسيا بالضغط على “قسد” لتسليم مناطقها لقوات النظام
وأضافت المصادر أن “تركيا تحاور بنفس الوقت روسيا، ومن المنتظر وصول وفد تقني إلى أنقرة في الأيام المقبلة من أجل بحث الملف السوري، وليس من المنتظر أن يحقق اختراقات كبرى بما يتعلق في العمليات العسكرية التي تطالب بها أنقرة في المنطقة.
وتنتظر تركيا معرفة نتائج المباحثات الروسية الأميركية التي جرت في جنيف في الأيام الماضية لترتيبات المنطقة، وترقب قدوم مبعوث أميركي أيضاً في الأيام المقبلة. وتركيا مستعدة للتخلي عن خططها العسكرية في المنطقة، في حال انسحبت قوات قسد من المناطق التي تطالب بها، بإشراف روسي حتى لو دخل النظام لهذه المناطق”.
ولخصت المصادر الموقف التركي بأن “أنقرة حاليا تنتظر نتائج الحوارات واللقاءات مع الولايات المتحدة وروسيا، التي يبدو أنها بدأت تكسب زخماً وتهدف لترتيب منطقة شرقي الفرات.
وبناء على نتائجها وعلى انسحاب قسد من المناطق التي تطالب تركيا بالانسحاب منها، يمكن تحديد هامش التحرك العسكري التركي المستقبلي في الشمال السوري، ومنها في المناطق الشرقية لمنطقة درع الفرات ومدينة الباب وبالقرب من مدينة منبج وشمال الرقة، وجنوب عين العرب. ولكن من المبكر الحديث عن أي عمل عسكري حالياً، في ظل ترقب نتائج اللقاءات”، التي لم يتم الكشف عن مواعيدها.
وذكرت مصادر مطلعة مقربة من “مجلس سورية الديمقراطية” (مسد)، الذراع السياسية لـ”قسد”، في حديث مع “العربي الجديد” أن موسكو “مارست، وما تزال، أقصى الضغوط على قوات قسد لتسليم مناطق تحت سيطرتها لقوات النظام، للحيلولة دون شن الجيش التركي عملا عسكريا ضد هذه القوات”.
ولفتت إلى أن روسيا “تحاول استغلال الخوف الكردي من تقدم الجيش التركي للحصول على مكاسب للنظام على الأرض”. غير أن المصادر أكدت أنه “ليس في خطط قوات قسد تسليم أي مناطق تحت سيطرتها للنظام في المدى القريب على الأقل”. وأشارت إلى أن “الخطر التركي موجود بأي مكان تضمن فيه أنقرة صمت الروس والأميركيين”، مضيفة أن أنقرة لم تحصل على موافقة من موسكو وواشنطن لشن عمل عسكري جديد في شمال سورية.
وكان الجيش التركي قد شنّ ثلاث عمليات واسعة النطاق في شمال سورية. العملية الأولى كانت ضد تنظيم “داعش”،
وبدأت في منتصف عام 2016 وانتهت مطلع عام 2017 بالسيطرة على مجمل ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي. والعملية الثانية كانت في مطلع عام 2018 ضد “الوحدات الكردية” في منطقة عفرين، في ريف حلب الشمالي الغربي، وانتهت بطرد “الوحدات” من المنطقة التي باتت تحت النفوذ التركي.
وحصلت العملية الثالثة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ضد “قسد”، والتي انتهت سريعاً مع سيطرة الأتراك على شريط حدودي في شرق الفرات، بطول مائة كيلومتر وعمق 33 كيلومتراً. ودفعت العملية الأخيرة “قسد” إلى إبرام اتفاق عسكري مع الجانب الروسي،
للحيلولة دون توغل الجيش التركي بعيداً في شرق نهر الفرات، كان من شأنه إخراج هذه القوات من المشهد السوري. وبموجب الاتفاق، منحت “قسد” النظام السوري والجانب الروسي الحق في إدخال قوات إلى أماكن محددة في شرق نهر الفرات، وسمحت للروس بإنشاء أكثر من قاعدة عسكرية، ما جعل منهم لاعباً في المنطقة الغنية بالثروات.
تركّز تركيا حالياً على الوضع الاقتصادي الداخلي
وفي السياق، قال القيادي في مجلس منبج العسـ.ـكري التابع لـ”قسد”، شـ.ـرفان درويش، في حديث مع “العربي الجـ.ـديد”،
إن هنـ.ـاك “مركزاً للتنسيق” مع الجانب الروسي في الشمال السوري، لكنه أوضح أن “عملنا محصور بالاتفاق العسـ.ـكري السابق”،
مضيفاً: لا يوجد أي حديث بيننا (المجلس) وبين الجانب الروسي حول المواضيع المدنية والسياسية.
وكانت القيادية في حزب “الاتحاد الديمقراطي”، إلهام أحمد، قد أجرت يوم الثلاثاء المـ.ـاضي،
مباحثات مع مسؤولين في وزارة الخارجية الروسية في موسكو، حول الأوضاع في شمال سورية وشمال شـ.ـرقها. ومن الواضح أن الحكومة التركية تراجعت خطوة إلى الوراء عن الوعـ.ـيد بشـ.ـن عمل عسـ.ـكري في شمال سورية، لأسـ.ـباب سياسية وأخرى اقتصادية، إذ تشهـ.ـد الليرة التركية تراجعاً مستمراً.
وهو ما يؤكده المحلل السياسي التركي هشام جوناي في حديث مع “العربي الجـ.ـديد”. ويشير إلى أن الحكومة التركية “تريد حل الخلاف في ملف طائرات أف 35 مع الولايات المتحدة، واسترجاع 1.4 مليار دولار دفعتها أنقرة قبل أن تستبعدها واشنطن عن هذا البرنامج”. ويقول إن أنقرة تدرك أن أي عمـ.ـلية عسـ.ـكرية في شمال سورية تدخل هـ.ـذا الخـ.ـلاف في طريق مسدود، وربما لا يعيد الأميركيون هذا المبلغ ويفـ.ـرضون عقـ.ـوبات جـ.ـديدة على تركيا. ويضيف أن الاقتصاد التركي “يترنح حالياً، فالدولار تجاوز سقف الـ10 ليرات تركية في سوق الصرف”،
معتبراً أن أي مغامرة غير محسوبة من الحكومة التركية في شمال سورية سيكون لها عـ.ـواقب وخيـ.ـمة على الاقتصاد التركي،
لذلك لمسنا تراجعاً خلال الأيام المـ.ـاضية من قبل وسائل الإعلام القريبة من الحكومة التركية عن الترويج لأي عمل عسـ.ـكري في الشمال السوري.
تعليقات
إرسال تعليق